نقول عيد الفصح المجيد //لا عيد القيامه المجيدة

إنَ من يقرأ هذا العنوان للوهلة الأولى، يستنفر ويظنّ بأنّني أتفلسف كباقي المتفلسفين اللاهوتيّين الذين يتبارون مؤخّرًا في من يكون الأجدر بتشكيك المؤمنين وزعزعة مفاهيمهم حتّى ولو كانت تحمل شيئًا من المعتقدات الشعبيّة البسيطة البعيدة عن العمق اللاهوتيّ. وننسى أنّ كبار القدّيسين في الكنيسة والمعلّمين فيها كانوا بسطاء غير متعلّمين غرقوا في بحر الحبّ الإلهيّ وتعمّقوا بأسراره فرووا الكنيسة بينابيع المعرفة اللاهوتيّة والروحيّة النابعة من الروح القدس الذي عمل فيهم. وكم ينسى الكثير من اللاهوتيّين أنّ اللاهوت هو أن نتكلّم على عشرتنا مع الله وليس أن نتكلّم على الله كمن يتكلّم على موضوع علميّ جدليّ.

وهذا ما دفعني إلى كتابة هذا العنوان الذي لكثيرين منكم يشبه تفسير الماء بالماء!! نعم فليس هناك من مشكلة بقولنا قيامة الربّ المجيدة، فالقيامة هي جوهر إيماننا المسيحيّ إذ نحن أبناء القيامة. ولكن أن نغيّر تعابير في تقليدنا الكنسيّ وتعليم أبائنا القدّيسين فهذه مشكلة عظيمة ناتجة عن جهل لاهوتيّ وسطحيّة في الإيمان. استفزّني مقال لأحد الكهنة عنوانه "عيد القيامة لا عيد الفصح" وينسب تسمية الفصح بأنّها غلطة كنسيّة من الترسّبات اليهوديّة ويجب علينا ألّا نستعملها بتاتًا!! وبفعلته هذه وقع بفخ اليهود الذين حاولوا جهدهم في الغرب بدمج عيد الفصح أي الـ Pascha بتسمية قديمة وثنيّة من آلهة الخصب Eastre أو Eostre كي يُبعدوا الفصح المسيحيّ كلّ البعد عن فصحهم، هم الذين رفضوا المسيح فحلّت عبارة happy Easter بدلًا من المسيح قام حقًّا قام Christ is risen !he is truly risen.

لا يا أخي دعني أصحّح معلوماتك، فالكنيسة وخصوصًا الشرقيّة استعملت دومًا كلمة الفصح لتحتفل بقيامة المسيح من بين الأموات أي الفصح الجديد أو العبور الجديد من الظلمة إلى النور لا كفصح اليهود الذي تكلّمت انت عليه. فالمسيح نفسه أكل الفصح مع تلاميذه واعدًا إيّاهم بفصحٍ جديد به أي فصح العهد الجديد الذي على كلّ مسيحيّ أن يمرّ به كما كان هو نفسه الحمل الفصحيّ الذي ذُبح وحمل خطايانا ومات عنّا. فكيف تريدنا يا أخي ألّا نستعمل كلمة الفصح وهي كلمة تشمل سرّ الفداء كلّه متوّجة بحدث القيامة. نحن نحتفل بعيد الفصح الذي فتح لنا به الربّ يسوع أبواب الفردوس. كما أنّ الكنيسة في القرون العابرة استعملت عبارة "الفصح الشتويّ" لعيد الميلاد الذي هو عبور آخر لشعب الله من الظلمة إلى النور.

لن أتوسّع أكثر بهذا الجدل الذي يمكننا أن نكتب عنه الكثير الكثير من الكتب. هذا هو فصحنا هذا هو عيدنا، الفصح المجيد الذي أتركك مع ما قال عنه معلّم الكنيسة الكبير القدّيس يوحنّا الدمشقيّ بقوله:" إنّ فصحَنا المسيح المنقذ قد اتّضح لنا اليوم فصحًا شريفًا، فصحًا جديدًا مقدّسًا، فصحًا سرّيًّا، فصحًا جليل الوقار فصحًا بريئًا من العيب، فصحًا عظيمًا، فصحًا للمؤمنين، فصحًا فاتحًا لنا أبواب الفردوس، فصحًا مقدِّسًا جميع المؤمنين."

وفي النهاية أعايدك متمنّيًا لك فصحًا مجيدًا تعبر به مع المسيح القائم من بين الأموات! المسيح قام حقًّا قام!

» عيد الفصح المجيد ..♰..♰..♰ 2020
» تعزيات من القيامة المجيدة
» عيد البشارة المجيد بميلاد السيد المسيح له المجد الأسبوع الأول
» قداسة الكاردينال عمانويل الثالث دلي يهنىء مسيحيي العراق بمناسبة عيد الميلاد المجيد