ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب" ماذا قصد السيد المسيح بقوله هذا؟
---------------------------------------------------------
هل حقا أهان السيد المسيح المرأة الكنعانية حين قال: ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب؟(متى15: 21-28). ماذا قصد المسيح؟ ما هي الرسالة التي يريد إيصالها من خلال عبارته هذه؟
حين يقرأ قوم من الناس قول الرب يسوع المسيح، فوراً ودون الرجوع إلى الخلفيّة التاريخية للعلاقة التي كانت سائدة بين اليهود والأمم، يؤكدون أن المسيح أهان المرأة الأممية ولم يُقِم لها أي اعتبار. لا نلومهم بذلك إلاّ إن كانت في الأصل نواياهم غير سليمة تجاه المسيح والإيمان المسيحي. وفي جميع الأحوال ينبغي أن نوضّح لمن ساء عليه فهم قصد المسيح واضعين النقاط على الحروف.
جنسية المرأة الأممية وانتمائها الديني
كانت تلك المرأة أُمميّة فينيقيّة كنعانيّة، تسكن في منطقة صور ( مدينة لبنانية)، والمعروف عن هؤلاء أنهم كانوا من عبدة الأوثان والأصنام وآلهة عديدة، ممّا يعني أن تلك المرأة كانت تنتمي إلى جنسٍ ودينٍ على نقيضٍ تامٍ مع الانتماء العرقي والديني لليهود الذين يعبدون الله الواحد ويعتبرون أنفسهم شعبه الذي اختاره له بحسب العهد القديم من الكتاب المقدس.
نظرة اليهود للأُمم
لم تكن العلاقة بين اليهود والأُمم سليمةً، بل كانت علاقةٌ يشوبها التوتر والازدراء إلى درجة كان اليهود يعتبرون الأُمم أنجاساً لا يجوز الاختلاط بهم ولا معاملتهم بالحسنى، بل بالحري إظهار الحقد تجاههم ونبذهم ونعتهم بأوصاف مشينة، كمثل اعتبارهم بمثابة الكلاب.
قصد المسيح الصحيح
بعد أن سمع الرب يسوع المرأة تصرخ إليه بشدّة طالبة ان يشفي ابنتها، وبينما كانت جموع من اليهود تتبعه، وفيما طلب تلاميذه منه أن يصرفها لأنها "مزعجةٌ"، بحسب قولهم، توقّف الرب مصغياً إليها طالباً منها الافصاح عن طلبها، فسألته أن يشفي ابنتها المريضة. ولأن الرب يسوع أراد أن يلبّي طلبها ليس لأجل جنسها بل لأجل إيمانها. "قال لها ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب..."، لأن اليهود كانوا يصفون هؤلاء الناس بالكلاب، وغاية كلامه أن يسمع اليهود والتلاميذ أن من تعتبرونهم أنجاساً ومزعجين، يستحقون أيضاً الرحمة وخاصةً إذا آمنوا به ووثقوا فيه. لقد فهمت المرأة الفينيقية الكنعانية كلام المسيح، فكان جوابها حكيماً جداً فقالت له:«نَعَمْ يَا سَيِّدُ. وَالْكِلاَبُ أَيْضاً تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا». لقد تأكدت المرأة ان المسيح لا يقصد إهانتها على الإطلاق بل أراد أن يوصل رسالة إلى من يسمعه بأن الأمم أيضاً لهم نصيب في محبته وخلاصه. والنتيجة، هنّأ المسيح المرأة وعظّم إيمانها واستجاب طلبها فشفى ابنتها في الحال.
صديقي القارئ، الرب لا ينظر إلى جنسيّتك الأرضية ولا إلى هويّتك الدينية، المسيح يهتم بك شخصياً لأنه يحبك ويريد أن يشفيك ويطهّرك ممّا ينجّس الإنسان ويُميته وأقصد بذلك الخطيئة. قال الرب يسوع: "وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ".